الجمعة، 19 سبتمبر 2014

ذم الهوى *** بقلم / محمود عبد الخالق عطيه المحامى

ذم الهوى ...وكيف يتخلص من وقع فيه ..الهوى = هو ميل الطبع الى مايلائمه وهذا الميل خلق فى الانسان لضرورة بقائه فانه لولا ميله الى المطعم والمشرب والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح .....فالهوى مستحث لها لما يريده كما أن الغضب دافع عنه ما يؤذيه ........فلا ينبغى ذم الهوى مطلقا .ولا مدحه مطلقا .كما أن الغضب لا يذم مطلقا ولا يحمد مطلقا ......وانما يذم المفرط من النوعين .وهو مازاد على جلب المنافع ودفع المضار ..ولما كان الغالب من مطيع هواه وشهوته وغضبه .فلذلك لم يذكر الله تعالى الهوى فى كتابه الا ذمه وكذلك فى السنة لم يجئ الا مزموما الا ماجاء منه مقيدا ...........قيل الهوى = كمين لا يؤمن ...قال الشعبى = وسمى هوى لأنه يهوى بصاحبه .ومطلقه يدعوا الى اللذة الحاضرة من غير فكر فى العاقبة ....ويحث على نيل الشهوات عاجلا وان كانت سببا لأعظم الآلام عاجلا وآجلا ........فللدنيا عاقبة قبل عاقبة الآخرة ..والهوى يعمى صاحبه من ملاحظتها .....والمروءة والدين والعقل ينهى عن لذة تعقب ألما ..وشهوة تورث ندما ...فكل منها يقول للنفس اذا أرادت ذلك = لا تفعلى .والطاعة لمن غلب ..ألا ترى أن الطفل يؤثر ما يهوى وان أداه الى التلف لضعف ناهى العقل عنده .......ومن لا دين له يؤثر ما يهواه وان أداه الى هلاكه فى الآخرة لضعف ناهى الدين .ومن لا مروءة له يؤثر ما يهواه وان خدش مروءته أو عدمها لضعف ناهى المروءة ........فأين هذا من قول الشافعى = لو علمت أن الماء يثلم (أى يخدش) مروءتى لما شربته ..فان قيل = كيف يتخلص من وقع فى أسر الهوى ؟؟خمسون سببا للتخلص من أسر الهوى نذكر منها = 1- عزيمة حر يغار لنفسه وعليها ...2- جرعة صبر يصبر نفسه على مرارتها تلك الساعة ....3- قوة نفس تشجعه على شرب تلك الجرعة .والشجاعة كلها صبر ساعة ..وخير عيش أدركه العبد بصبره .........4- ملاحظته حسن موقع العاقبة والشفاء بتلك الجرعة ....5- ملاحظته الألم الزائد على لذة طاعة هواه .....6- ابقاؤه على منزلته عند الله تعالى وفى قلوب عباده ..وهو خير وأنفع له من لذة موافقة الهوى ....7- ايثاره لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية ....8- فرحه بغلبة عدوه وقهره له ورده خاسئا بغيظه وغمه وهمه حيث لم ينل منه أمنيته ....والله تعالى يحب من عبده أن يراغم عدوه ويغيظه كما قال الله تعالى ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح - التوبة 120-... وقال تعالى - ومن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الأرض مراغما كثيرا وسعة -الفتح 29- أى مكانا يراغم فيه أعداء الله .وعلامة المحبة الصادقة مغايظة أعداء المحبوب ومراغمتهم ......9- التفكر فى أنه لم يلق للهوى وانما هيئ لأمر عظيم لا يناله الا بمعصيته للهوى كما قيل = قد هيأ وك لأمر لو فطنت له * فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل ..10- أن لا يختار لنفسه أن يكون الحيوان البهيم أحسن حالا منه ....فان الحيوان يميز بطبعه بين مواقع ما يضره وما ينفعه أو عرف ذلك وآثر مايضره كان حال الحيوان البهيم أحسن منه ..ويدل على ذلك أن البهيمة تصيب من لذة المطعم والمشرب والمنكح مالا ينالهاالانسان مع عيش هنئ خال من الفكر والهم ....ولهذا تساق الى منحرها وهى منهمكة على شهواتها لفقدان العلم بالعواقب ..والآدمى لا يناله ما يناله الحيوان لقوة الفكر الشاغل .وضعف الآلة المستعملة وغير ذلك ....فلو كان نيل المشتهى فضيلة لما بخس منه حق الآدمى الذى هو خلاصة العالم .ووفر منه حظ البهائم ..وفى توفير الآدمى من العقل والمعرفة عوض عن ذلك .....11- أن يسير بقلبه فى عواقب الهوى فيتأمل كم أفاتت معصيته من فضيلة ......وكم أوقعت فى رزيلة ...وكم أكلة منعت أكلات ..وكم من لذة فوتت لذات ...وكم من شهوة كسرت جاها ..ونكست رأسا ..وقبحت ذكرا ..وأورثت ذما ..وأعقبت ذلا وألزمت عارا لا يغسله الماء ..غير أن عين صاحب الهوى عمياء ...12- أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه ..ثم يتصور حاله بعد قضاء الوطر . وما فاته وما حصل له = وأفضل الناس من لم يرتكب سببا* حتى يميز لما يجنى عواقبه 13- أن يأنف لنفسه من ذل طاعة الهوى ....فانه ما أطاع أحد هواه قط الا وجد فى نفسه ذلا ..ولا يغتر بصولة أتـباع الهوى وكبرهم ...فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا بهذا ......15- أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه ....فان الشيطان اذا رأى من العبد ضعف عزيمة وهمة وميلا الى هواه طمع فيه وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث اراد .......ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو همة لم يطمع فيه الا اختلاسا وسرقة............... نكمل لا حقا.....روضة المحبين ونزهة المشتاقين لابن القيم ......بقلمى | محمود عبد الخالق عطيه المحامى
navright

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق