الجمعة، 19 سبتمبر 2014

عفاف سيدنا يوسف عليه السلام بقلم / محمود عبده المحامى

عفاف سيدنا يوسف عليه السلام ..........ذكر الله سبحانه وتعالى عن يوسف الصديق عليه السلام من العفاف أعظم ما يكون .فان الداعى الذى اجتمع فى حقه لم يجتمع فى حق غيره ...فانه كان شابا والشباب مركب الشهوة ..وكان عزبا ليس عنده ما يعوضه ....وكان غريبا عن أهله ووطنه .....والمقيم بين أهله وأصحابه يستحى منهم أن يعلموا به فيسقط من عيونهم ...فاذا تغرب زال هذا المانع .....وكان فى صورة المملوك والعبد .....والعبد لا يأنف مما يأنف منه الحر وكانت المرأة ذات منصب وجمال ..والداعى مع ذلك أقوى من داعى من ليس كذلك ....وكانت هى المطالبة فيزول بذلك كلفة تعرض الرجل وطلبه وخوفه من عدم الاجابة ..وزادت مع الطلب الرغبة التامة والمراودة التى تزول معها ظن من عدم الامتحان والاختبار لتعلم عفافه من فجوره وكانت فى محل سلطانها وبيتها بحيث تعرف وقت الامكان ومكانه الذى لا تناله العيون ......وزادت مع ذلك تغليق الأبواب لتأمن هجوم الداخل على بغتة ..وأتته بالرغبة والرهبة ....ومع هذا كله فعف لله ولم يطعها ...وقدم حق الله وحق سيدها على ذلك كله ...وهذا أمر لو ابتلى به سواه لم يعلم كيف كانت تكون حاله ...فان قيل = فقد هم بها... قيل عنه اجابات مطوله نذكر منها اثنين.....- أحدهما أنه لم يهم بها بل -لولا أن رأى برهان ربه لهم ....هذا قول بعضهم فى تقدير الآية ( أى الآية فيها تقديم وتأخير ).............والثانى وهو الصواب - أن همه كان هم خطرات فتركه لله فأثابه الله عليه وهمها كان هم اصرار بذلت معه جهدها فلم تصل اليه ..فلم يستو الهمان وهذا ما قاله الامام أحمد بن حنبل -رضى الله عنه - الهم همان = هم خطرات وهم اصرار .فهم الخطرات لا يؤاخذ به .وهم الاصرار يؤاخذ به .فان قيل = فكيف قال وقت ظهور براءته - وما أبرئ نفسى - يوسف 53- ......قيل = هذا ما قاله جماعة من المفسرين وخالفهم فى ذلك آخرون أجل منهم وقالوا = ان هذا من قول امرأة العزيز . لا من قول يوسف - عليه السلام - والصواب معهم لوجوه 1-أنه متصل بكلام المرأة - آلآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين . ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدى كيد الخائنين .وما أبرئ نفسى- يوسف51-53- ومن جعله من قوله فانه يحتاج الى اضمار قول لا دليل عليه فى اللفظ بوجه ..2- أن يوسف لم يكن حاضرا وقت مقالتها هذه بل كان فى السجن لما تكلمت بقولها - الآن حصحص الحق - والسياق صريح فى ذلك .......والضمائر كلها فى نسق واحد يدل عليه وهو قول النسوة - ما علمنا عليه من سوء - وقول امرأة العزيز - أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين فهذه خمس ضمائر بين بارز ومستتر ثم اتصل بها قوله تعالى - ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب - ..فان قيل فما معنى قولها - ليعلم أنى لم أخنه بالغيب - قيل = هذا من تمام الاعتذار ..قرنت الاعتذار بالاعتراف فقالت = ذلك أى قولى هذا واقرارى ببراءته ليعلم أنى لم أخنه بالكذب عليه فى غيبته وان خنته فى وجهه فى أول الأمر .قالآن يعلم أنى لم أخنه فى غيبته.ثم اعتذرت عن نفسها بقولها - وما أبرئ نفسى - ...ثم ذكرت السبب الذى لأجله لم تبرئ نفسها .وهى أن النفس أمارة بالسوء ....فتأمل ما أعجب أمر هذه المرأة ..أقرت بالحق واعتذرت عن محبوبها ...ثم اعتذرت عن نفسها ...ثم ذكرت السبب الحامل لها على مافعلت ..ثم ختمت ذلك بالطمع فى مغفرة الله ورحمته وأنه ان لم يرحم عبده والا فهو عرضة للشر ...فوازن بين هذا وبين تقدير كون هذا الكلام كلام يوسف عليه السلام لفظا ومعنى ..وتأمل ما بين التقديرين من التفاوت ....ولا يستبعد أن تقول المرأة هذا وهى على دين الشرك ........فان القوم كانوا يقرون بالرب سبحانه وتعالى وبحقه وان أشركوا معه غيره .....ولا تنس قول سيدها لها فى أول الحال -واستغفرى لذنبك انك كنت من الخاطئين - يوسف 29- .........روضة المحبين ونزهة المشتاقين لا بن القيم ..بتصرف ..بقلمى | محمود عبد الخالق عطيه ..

أعجبني
 
navright

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق